“الممر”

في ذلك الممر الذي لا تري فيه إلا الظلام ولا تسمع إلا صوت أنفاسك المتقطعة كان يقف “فريد” ناظرا حوله محاولا معرفة معالم المكان . لم يكن أمامه إلا التقدم.
يمكننا القول أن دقات قلبه كانت تزداد في كل خطوة . وصل فريد إلي اخر الممر ليجد غرفة مظلمة وربما فارغة ، فهو لا يستطيع الجزم بذلك .
” في هذه الغرفة لا مجال إلا للحقيقة ولا شئ إلا الحقيقة ، ربما ما تراه أمامك يا فريد هو الظلام الدامس ، لكني أؤكد لك أن ما تخفيه هذه الغرفة أكبر بمراحل . ”
صدرت هذه الكلمات بصوت أنوثي ربما من مكبر للصوت أو من فتاه ما لا يستطيع فريد رؤيتها .
رد فريد بصوت عالي
– من أنت وما الذي جاء بي إلي هنا؟ أتجهلين من أكون ؟
– فريد مصطفي محامي مشهور في عالم البشر !
-في عالم البشر !!!
– نعم ، لكن هنا أنت مجرد نكرة ، حسنا دعني لا أقول نكرة ربما أقول قاتل ،سارق ،مخادع ، طماع ، كاذب . ألا تظن أن هذه الألقاب تناسبك ؟
-ماذا تقولين يا أنت ؟ أنا لست بقاتل ! أتظنين أن بأمكانك خداعي ؟!
– تذكر أنك من أنكرت حقيقتك الان .
– ماذا تعنين ؟
لم يكمل فريد جملته حتي ظهر علي أحد جدران الغرفة شاشة عرض
– رائع الان ستبدئي في عرض الافلام ؟ أين الفشار ؟
قالها فريد بسخرية لكن سرعان ما اختفت هذه الابتسامة عندما ظهر فريد علي الشاشة وهو يضع دواء في صحن طعام أحدهم
وما هي إلا ثواني وظهرت شاشة ظهر فيها أثناء تناوله الطعام مع زوجته السابقة “ناريمان ” وعلي شاشة أخري ظهرت ناريمان ليلا وهي تعاني من الم شديد
ثم سقطت جثة هامدة وعلي الشاشة الأخيرة ظهر فريد وهو ينظر لجثتها بشماتة وياخذ مجوهاراتها ويخرج ببرود
– أما زلت عند رايك يا فريد ؟ أنت لست قاتل أو سارق !
– كيف وصلت إلي هذا !
– سوف تستمتع بالتسجيلات القادمة .
قالت الاخيرة متجاهلة لسؤاله وما هي إلا ثواني وظهر هو برفقة زوجته الحالية “نورسين” في أحد المطاعم الفاخرة وما لبس أن ذهبت للمرحاض حتي بدأ هو بتبادل الرسائل الغرامية مع عشيقته
– أنت لست مخادع ؟
لم تعطيه الفرصة للرد حيث ظهر هو علي الشاشة عندما أجبر أخيه علي التنازل عن حقه في ميراثه
– لست طماع بكل تأكيد ؟
ما لبست أن أنهت جملتها حتي ظهر في المحكمة وهو يشهد بالباطل أنه رأي الخادمة تضع شيئا ما في صحن “ناريمان” وقد سألتها فأجابت بتوتر أنها مجرد بهارات ولكنها كانت السم الذي قضي عليها ! وكان ذلك بالتاكيد بهدف السرقة فقد أختفت مجوهارات “ناريمان”” !
– ما كل هذا الصدق يا فريد ؟
قالتها صاحبة الصوت ساخرة
– كيف وصلت إلي كل هذا ؟ من أنت ؟
– من تظنني ؟ في كل الأحوال لا تقلق سوف أخبرك لكن ليس قبل أن تخبرني لما فعلت كل هذا ؟
-فعلت ماذا ؟ قتلت ناريمان ؟ حسنا بما انني قد قررت قتلك في كل الاحوال سأخبرك ! قتلت ناريمان لأتزوج نورسين
– كان يمكنك أن تتركها !
– أتركها لأعطيها نصف ثروتي ؟ أأنا مجنون؟! ولما أخذت مجوهاراتها ؟ لأدين الخادمة وأثبت أنها من قتلتها بجانب شهادتي الكاذبة !
– لنفرض أنك أحببت نورسين حقا ، لماذا خنتها ؟
– النساء مثل الزهور يا فتاه يمكن أن تستمتعي بروائحها جميعا لكن تبقي زهرة واحدة هي المفضلة لك هكذا نورسين بالنسبة لي.
– وماذا عن أخاك ؟لم أجبرته ؟
– لقد كان غبيا ! أراد أن يضيع هذه الثروة في الأعمال الخيرية
– أتعلم ما هي مشكلتك الكبري ؟
– “بتأفأف” ماذا ؟
– أنت طماع ! ليس فقط الطمع في المال بل في كل شئ لقد أعماك الطمع عندما قتلت زوجتك التي كانت تحبك فقط طمعا في حب نورسين وحتي عندما تزوجت نورسين خنتها طمعا في شعورك بحب النساء ، لقد هددت أخيك بقتل أبنته إذا لم يتنازل عن ميراثه طمعا في الأموال
لقد قضيت عمرك يا فريد تحاول الحصول علي جميع ثمار الدنيا غير مكترثًا لثمن ما تفعله حتي بدأت هذه الثمار التي أثقتلت كاحلك تفسد و تنتهي صلاحيتها قبل أن تستمتع بها !
أثرت تلك الكلامات في فريد لكنه لم يظهر ذلك
– من أنت ؟ ألن تظهري ؟
ضحكت صاحبة الصوت
– أنا لا أستطيع الظهور فأنا لست من عالم البشر !
– ما هذا الهراء ؟
– هذه الحقيقة يا فريد ، أنا أصدر من داخلك ،أنا الصوت الذي قتلته منذ سنين ، أنا صوت ضميرك يا فريد .

استيقظ فريد علي صوت المنبه ، كان ذلك مجرد حلم ؟ قالها فريد في ذهول
وما هي الا ثواني حتي رن هاتفه فأجاب هو
– حسنا أنا قادم
أرتدي ملابسه وذهب إلي المحكمة فاليوم رغم أنه لم يوكل بأي قضايا إلا أنه ذاهب حتي ينهي أوراق تنازل أخيه عن الميراث !
وقد قرر تجاهل هذا الحلم معللا بأنه مجرد ” أضغاث احلام ”
وفي طريق عودته إلي البيت كاد يصطدم في شاحنة كبيرة ثم فقد السيطرة علي السيارة وانقلبت به و مات !
وقال من حاولوا إسعافه
– لقد كان يكرر جملة واحدة حتي أنه لم يلفظ الشهادة !
” لم تكن مجرد أضغاث أحلام” !

ل مريم طه

Explore More

لقد نفذ رصيدكم

0 الحلقه الاولى “قد اوشك رصيدكم على النفاذ ” حين نعانق الراحلين في لقاء الوداع الاخير لم يبق لنا سوى دموع تبحر

أنا لست خائفا

0 أنا لست خائف ( الجنية السوداء آكلة الدم) منذ ايام قليله كنت في زيارة الي أحد اخوالي في محافظة الغربية بالتحديد

فقط فكرة

0   لكل منا أسراره الخاصة، لايعرفها أحد سواه، قد تكون فكرة في عقله، أو كلمة داخل كتاب، الأولى فهي واضحة، أما

Add a comment