أنا لست خائفا

أنا لست خائف

( الجنية السوداء آكلة الدم)

منذ ايام قليله كنت في زيارة الي أحد اخوالي في محافظة الغربية بالتحديد في قرية صغيرة على اطراف مدينة (زفتى) وللحق فأنا لا أعلم لما سموها بهذا الاسم هل لسبب شئ تاريخي ام لسبب علمي ام لما يكابده الناس هناك من تعب ومشقه. المهم هو اني ركبت الميكروباص المتوجه الي هناك واثناء الطريق الطويل جدا والممل والمليء بالمطبات تسمع الناس تتحدث عن اشياء كثيرة جدا اخبار السياسة والرياضة والفنون والدين (فتاوى من كل حدب وصوب) خلاط يا أخي والله.

ولكن اكثر ما لفت انتباهي وجعلني انصت باهتمام في خضم ذلك الكم الهائل من( الهبد) هو عندما تحدث شخص كبير في السن تستطيع ان تقول كهل بلغ من العمر أرذله وكان له صوت لا تستطيع ان تميز ان كان فحيح او انه كان طيلة اليوم ينادي على احد من اهل المقابر فلا يجيبه.. شخص اسميته انا في مخيلتي.. ( عم الميت) وذلك لمنظره وهيأته المخيفة بالرغم من ضئالة حجمه الا ان له عين جاحظة مخيفه وصوت غريب صوته تكاد تسمعه وكان كلما تكلم.. تكلم عن المقابر والاموات والجن والعفاريت وعن الجنية فلانه التي تظهر على أطراف البلد عند الترعة أو عن المارد فلان الذي ظهر عند المقابر لجده علان او سماع اصوات صراخ عند قبر معين في مدافن الجهة القبلية للبلد.

وكان كلما شعرت بالخوف من قصصه ومن صوته اخرجت سماعاتي من جيبي ووضعتها في اذني حتي لا أسمعه فأنا شخص متعلم مثقف جامعي لا أحب مثل هذه القصص المرعبة ولا أؤمن بمثل هذه الترهات. ثم لسبب ما سقطت سماعة واحدة من اذني فسمعته يتحدث هذه المرة عن تحول بعض انواع الجن الى حيوانات سوداء شكلها مفزع جدا تأكل وتعيش على الدم وقد ظهر بعض منهم بقريتهم وكانت تأكل البهائم وكل من كان صغير الحجم. مثل الاطفال ..وكلاب القرية. واثناء استرساله بالكلام رن هاتفي الذي كان مازال سماعة منه بأذني فانتفضت وبالرغم اني حاولت الا اظهر هذا لاحد الا انه كان ظاهرا جليا على ملامحي الفزع لكل من كان في الميكروباص فتمالكت نفسي قدر المستطاع فوجدت الهاتف بيدي .. انه اتصال من خالي الحج ابراهيم

الووووو. ايوه يا حسين انت فين يابني الساعة جربت على تسعة والدنيا بجت عتمة احنا مستنينك من المغرب يا ابني

فتكلمت متلعثما من اثار الخضة…

الو.. ايوه يا خال انا جاي في الطريق اهو وتقريبا فاضل لي نص ساعة بس ان شاء الله.

يابني الدنيا ليلت وانا جلجان عليك يا حبيبي لو النهار له عيون فالليل برده ليه عيونه وعيون الليل وحشة و ما بترحم يا حبيب خالك.

معلش يا خالي حقك عليا انا في السكة ومش ها تأخر ان شاء الله

فرد على. طيب بص يا حسين لو وصلت و مالقتش حد في الدار ماتقلقش احنا ها نكون  في عزا الحج عبد الجليل عند الجامع اللي في اخر البلد بس ماتقلقش ان شاء الله ها نكون وصلنا قبل ما تيجي ولو وصلت قبلنا هتلاقي مفتاح الدار عند عمك إمام البقال اللي جنب الدار هاسيبه لك هناك تمام. ماشي . سلام عليكم

ماشي يا خال. عليكم السلام

وفور ما انتهيت من المكالمة فوجئت بيد وضعت على كتفي فانتبهت لها فلما نظرت فزعت لما وجد انها يد بيضاء لجثة باردة ….وللمرة الثانية الملم كرامتي المبعثرة في ارجاء الميكروباص بين الركاب الذي ظلوا يضحكون عليا لما سمعوا صوتي اصرخ مما حدث..

تمالك نفسك يا سحس انت ها تخاف ولا ايه. انت متعلم .استرجل كده

هذا ما قلته لنفسي وانا اعتدل من بعد القفزة التي قفزتها….

حسنا . حسنا لا لا انها يد شخص نحيف جدا تكاد ترى كل عروق يده بارزة تحت جلده الرقيق جدا فنظرت خلفي. انه ذلك الرجل (عم الميت) جالسا خلف الشخص الذي بجانبي لا أعلم كيف وصل لهنا بعد ان كان بجوار النافذة. بالكرسي الأخير ثم تكلم بصوته المخيف. انت قريب للحج ابراهيم.. ووصف لي خالي ونسبه ومن اي عائلة هو فقلت نعم هو ذاك فلمعت عينه ثم ابتسم ابتسامة سخيفة جدا وكأنه يخفي سر ونظر للأرض ثم نظر الي ثم قال لي سلم لي على خالك وقوله يخلص من جلابة الهم… والا الهم يزيد… ثم سكت قليلا ثم قال على جنب يا أسطى انا ها أنزل عند الجبانات.. وقبل ان ينزل من الميكروباص نظر الى مرة اخرى وتلك الابتسامة على وجهه النحيف المخيف وقال. خلي بالك من سوكه السودة وابعد عنها وعن طريقها وهي مش ها تأذيك هي مش بتشوف اه بس بتشم ريحة الدم.. وأياك أن تفتح لها والا فيا ويلك منها.

قال كلماته ورحل وكأنه ألقى علينا لعنة ما داخل الميكروباص فعم الصمت والسكوت والذهول.. واختصني بلعنة اصابت قلبي فها هو قلبي يرجف وكأنه في لحظاته الأخيرة وبينما نحن كذلك تحدث احدهم المحطة اللي جايه يا أسطى الله يكرمك.

افقت من شرودي الي نظرات الناس التي ترمقني بنظراتها وكأنني الان ممسوس او ملعون. ثم قام الشخص الذي بجانبي ليغير مكانه لمكان الشخص الذي نزل للتو في محاولة منه للبعد عن اللعنة وصاحبها….

ثم ولأطمن نفسي ظللت افكر فيما حدث وفيما قيل وبدأت اقول في نفسي لما انا خائف. بهذا الشكل.؟؟!

هذا رجل كبير ولا يدرك مايقول وكل كلامه قصص واساطير وكلام. يخيفوا به الأطفال. ولكي اقنع نفسي اني على حق بدأت في الضحك مما قيل..

في البداية كان صوتي منخفض ثم بدأ صوتي يعلوا في محاولة مني لحث الناس على الضحك على ما حدث علهم يتخلصوا من تلك النظرة على وجوههم تجاهي ولكي أقنعهم بما اقنعت به نفسي وأنا أقول ههههههه شوفتوا الراجل العجوز ده بيقول ايه ههههههه. ولكن يبدوا ان محاولتي بائت بالفشل فبدل من ان الناس كانوا فقط يظنون انني ملعون اصبحوا الان متأكدين من ذلك. فبدأوا في النزول سريعا من الميكروباص الواحد تلو الاخر كل شخص في أقرب محطة له وحتى وان لم تكن محطته حتى وصلنا الى القرية ونزلت من الميكروباص الذي قال لي سائقه عندما سألته عن اسرع طريق لبيت خالي. قال وهو لا ينظر الى روح يابني الله يسهلك لا تأذني ولا أذيك روح. فقلت في نفسي لماذا يحدثني هكذا..

آآآآآآه يبدو انه يخاف ان يلعن معي ههههههههه ناس مساكين والله بيصدقوا كلام راجل مجنون

فحملت حقيبتي وبدأت امشي متوجها الي بيت خالي. وبما اننا الان في الشتاء وقد اظلم الليل فقد بدأت تهب الريح بقوة فتصدر اصواتا مخيفة كأنها (عواء الذئاب مخلوط بحفيف الثعابين) عندما تمر من بين اغصان اشجار الكافور والصفصاف الموجودة وبكثرة على ضفاف الترعة التي ما ان رأيتها حتى بدأت اتذكر كلام (عم الميت) عن الجن والعفاريت والنداهة بجوار شط الترعة وبالرغم من اني لست خائف او هكذا ادعي الا انني اسرعت في خطواتي كثيرا. وما ان وصلت الى بيوت القرية حتى رأيت مشهدا يبدوا غير مألوف فالبيوت كلها والشوارع تبدوا فارغة وعلى ابواب البيوت مثل مصباح صغير يكاد يضيئ ولا أرى حتي طفل في الشارع حتى اني لم اسمع صوت كلب واحد من كلاب القرية التي كنت اراهم عندما كنت آتي الي القرية قديما عندما كنت طفلا.. ونعم انا لم آتي الي القرية منذ ما يقرب من عشرون سنة الا اني متأكد من انه يجب ان يكون هنا كلاب.. فالكلاب موجودة بجوار الترعة وعلى طول الطريق من موقف السيارات وحتى قبل القرية بقليل فلماذا ليست هنا…

ثم سألت نفسي لماذا اسأل على الكلاب ؟ انا حتى لا أحبهم ؟

هل كلام (عم الميت) أثر على تفكيري

وبعد تفكير للحظات قليله (مالي انا ومال الكلاب انا جاي ازور خالي و اوصل فلوس الجمعية) هذا كان صوت عقلي. ثم توجهت الى بيت خالي او دار خالي بما اننا الان بقرية ريفية وطرقت الباب الخشبي الكبير ولكن لم يفتح احد فعلمت انه لا يوجد احد بالداخل فتذكرت كلام خالي انه سيترك المفتاح عند البقال المجاور للدار عم إمام فنظرت للدكان فوجدت عم إمام يسرع في لملمة بضاعته من امام دكانه وكأنه يخشى من هطول المطر او شئ من هذا القبيل يأخذ كراتين المقرمشات ويلقيها دون رص داخل المحل ثم عندما رآني قادم عليه من بعيد ذادت سرعته واخذ باب المحل يغلقه بسرعة وبقوه وعندما اقتربت منه ألقيت عليه السلام.

السلام عليكم يا….

وقبل ان اكمل وجدته يعطيني المفتاح يمد يده لي دون ان ينظر الى ودون ان يرد حتى السلام ويقول خد المفتاح اهو الله يهدينا و يهديكوا ربنا يجعل  كلمنا خفيف عليهم وعليكم.

سمعت كلماته التي نزلت على اذني وقلبي كالمطارق!!

وبدأ قلبي يضرب بقوه داخل صدري. غير اني لم اتفوه بكلمة بعد ان مددت يدي لآخذ منه المفتاح. فقط ظللت واقف مكاني انظر اليه في دهشة وهو يسرع ويغلق باب دكانه سريعا ثم اختفي من امام عيني يركض الى داره….

وبعد ان انصرف …. لحظة واحدة هل قال ربنا يجعل كلامنا خفيف

عليهم وعليكم ؟ ماذا يقصد؟ هل يقصد جن واشباح؟ ولكن لماذا؟ ولماذا قال عليكم؟ وهل انا في حاجة لمثل هذه الكلمات يكفي ما انا فيه من خوف ورعب..

ظللت في هذا الشرود والقلق والخوف لدقائق وانا انظر الى بيوت القرية التي اصبحت في نظري مخيفة بعد ان اغلق عم إمام نور دكانه وانصرف واظلم الشارع واصبح نور القمر الذي تحيط به الغيوم من كل مكان هو الذي يضئ المكان.

والان اصف لكم حالي. بدأت يدي ترتعش وحال قلبي تماما لو انه مثل هزاز الهاتف من سرعته وبدأت ابتلع ريقي بصعوبة وكأن قلبي خرج من مكانه واصبح في حنجرتي يخنقني

رجعت الى دار خالي وانا ارجع بظهري وانظر الي كل شئ حولي وكأن عيني تحولت الى مثل عين الحرباء انظر في كل مكان امامي وخلفي يميني وشمالي فوق وتحت أحاول ان اطمأن نفسي بأن كل شئ على ما يرام. وما ان شعرت بملمس الباب الخشبي الضخم خلفي استدرت سريعا وفتحت الباب ثم الحمد لله دخلت مسرعا واضئت الانوار واغلقت الباب خلفي بالمفتاح واستندت عليه بظهري من الخوف ثم اخرجت هاتفي وانا اجلس مكاني خلف الباب لأتصل بخالي ولكن لا يوجد شبكة فقلت ( آآآآآآه ما هي ناقصة) ثم حاولت تقريبا عشرون مرة ولكن لا جدوى فقررت ان اقرأ ما تيسر لي من القرآن حتى اهدأ وبعد دقائق وبعد ان هدأ قلبي قررت ان اذهب الى غرفة ابن خالي مصطفى لأغير ملابسي واحاول ان أعثر على شبكة للهاتف بالدور العلوي او سطوح الدار. ولكن ما ان تحركت حتى سمعت صوت وقع اقدام احدهم بالدور العلوي فانتبهت له وظللت اتتبع الصوت بأذني ثم قررت ان انادي يا مصطفى ياااااا مصطفى انت فوق ياااااا مصطفى انت هنا.. طب في حد هنا. ولكن ما أثارني واعادني الي حالتي التي كنت عليها منذ قليل ليس ان الشخص الذي بالأعلى لا يجيب فحسب بل هو عندما تأكدت انهم شخصين تستطيع أن تميز ذلك في البيوت القديمة ذات الاسقف الخشبية. فقد سمعت وقع أربعة اقدام نعم انا متأكد فالصوت حاد وكأن نعالهم بها احجار ..

ولكي اتأكد من ذلك اخذت في صعود السلم الى الدور العلوي. وبينما انا اصعد كل درجة من درجات السلم شعرت. وكأني اصعد البرج من شدة ارهاقي. ثم انادي ثم اصعد ثم انادي واصعد وهكذا وفجأة وبدأ النور يومض. يتقطع. يضئ تارة ويفصل تارة فأخرجت هاتفي لأضيء به السلم.

وبدأ قلبي يخفق وكانه يريد يخرج من صدري مع كل اخفاقه من اخفاقات النور حتى انتهيت تقريبا من السلم وأكاد اتنفس بصعوبة بسبب الخفقان السريع لقلبي وكأنني كنت بأحد سباقات الركض لمسافات طويلة غير ان السلم الذي صعدت عليه لا يتجاوز العشرون سلمة..انا الان انظر الى الغرفة وها هو باب الغرفة مفتوح قليلا  ولكن لا يوجد نور بالداخل تستطيع ان تسمع صوت اشياء تلقى على الارض فتحدث صوت قوي جدا.. وما ان وصلت الي باب الغرفة لأفتحه حتى اغلق الباب بقوة في وجهي فصرخت من الفزع وسقط على ظهري.

وما ان اعتدلت سريعا متكأ علي يدي حتى اظلمت الدنيا من حولي فظننت اني قد فقدت بصري ولكن. لا. فيبدو ان النور قد انقطع بفعل فاعل.. ولكني حتى الان اسمع صوت ذلك الشخص او الشئ بالداخل وقد ذات غضبه عندما علم بوجودي واصبح يتحرك بغضب

ويسقط الاشياء وبدأت بسماع صوت أجش مخيف صوت يقشعر له بدنك لا اعلم ان كان ( مارد. شبح عفريت . جنيه) آآآآآآه.. آآآآآآه.. بل ويتكرر بغضب وتسمع مع ذلك الصوت التكسير والتدمير في ارجاء الغرفة وانا الان اكاد اكون مثل المومياوات تقريبا فلقد هربت روحي من داخل جسدي لتختبئ في مكان آمن وهرب الدم من عروقي وظننت انه الموت ولكن قلبي ما يزال ينبض وبدأت اتذكر كل كلمة قالها لي الرجل الميت في الميكروباص والسائق وعم إمام.. نعم انه عفريت لا لا مارد ضخم صوته الاجش يقول ذلك.

فظللت اردد

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

والان علي ان استجمع قواي لأقوم واختبئ..

ولكن الى اين؟ وكيف سأتحرك في هذا الظلام الدامس ؟كما اني اصبحت لا اشعر بجسدي من الرعب..

وفجأة سمعت صوت هاتفي الذي كان بيدي فجعلني انتفض واصرخ والقيت به بعيدا وهنا سمعت صوت الذي بالداخل قد سكن واختفى فأسرعت الى الهاتف الذي كان بعيدا عني بثلاثة امتار تقريبا فحبوت اليه مسرعا لكي اجيب من اجل النجدة فأمسكت بالهاتف. انه اتصال من خالي فأجبت وانا ابكي (نعم للأسف بكيت من الرعب) الو ايو يا خالي الحقني يا خالي وهو يجيب ايوه يا حسين بتقول ايه مش سامعك انت فين فأردد وانا مرتعب واكاد اجمع الحروف ايوه يا خالي الحقني

وهو يردد ايوه يابني مش سامعك بتقول ايه. انت وصلت ولا لسه

فرددت يا خالي الحقني انا بموت في عفريت لا لا مارد في الدار والنور قاطع

فيرد قائلا ايه؟ عفريت ايه يابني انت بتقول ايه؟ انت فين؟

وفجأة بدأت اسمع ازيز الباب يفتح رويدا رويدا وسمعت الخطوات مرة اخرى تتجه ناحيتي فبدأت اتراجع الي الخلف زاحفا ومتكأ على يدي من خلفي ثم سمعت الهاتف وخالي ينادي علي ويقول يا حسين يا حسين وانا لا اكاد انطق فسمعته يقول (هم يا واد يا مصطفى ابن عمتك في الدار وسوكه طلعت له ده باينها ها تبقى ليله سواد ويرد مصطفى ابنه يانهار اسود اجري يا حج خلينا نلحقه) سمعت الكلمات فتأكدت اني الان مع احد الجن او المردة وفجأة بدأ يعود النور تمام كما انقطع في المرة الاولى اخفاقات وتقطيع مستمر فرأيت ما يشبه جسد الحمار الصغير ولكن اسود وراسه لا اراه جيدا اظن اني رأيت قرون صغيرة ..وعندما عاد النور بالكامل رأيت وجه الجنيه التي تحدث عنها الرجل الميت والتي تتحول لحيوان مفزع لتأكل الدم فوجهها مشوها وفمها مائلا يمينا واسنانها خارج فمها ويقطر منها الدم ليست لها عيون كما قال ولكنها تتبع رائحة الدم وجه اسود يشبه وجه الماعز ولكن ليس بتلك الضخامة ولها انف كبير وعليه ما يشبه الورم وصوت أجش مخيف ليس بصوت شئ نعرفه…

فصعقت وظللت اصرخ و اردد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وبسم الله الرحمن الرحيم كثيرا ولكن هذه المرة كنا على مقربة متر واحد بيني وبينها والغريب ان كلامي لم يؤثر بها والغريب ايضا اني لا  اعلم من اين جاءتني تلك القوة التي بها قفزت من مكاني

وركضت الي اسفل السلم دفعة واحدة وانا اصرخ الله أكبر. بسم الله. اعوز بالله من الشيطان الرجيم ومن سرعتي وقعت فأصبت كتفي ورأسي وهنا سمعت الباب الرئيسي للدار وكأن احد يطرق الباب وبقوة وصوت افتح يا حسين افتح يا حسين وانا ملقى على الارض لا

اقوى على الحراك ورأيت الجنية تنزل من اعلى متجهة ناحيتي بصوتها الذي يصم اذني آآآآآآه آآآآآآه وعلى فمها الدم تقترب مني رويدا رويدا وهي تنظر الي او تتجه بوجهها الي وكأنها تعلم بمكاني وتعلم ايضا انها نهايتي فرأيت على هذا الوجه المرعب ملامح النصر والتشفي .. وما ان اقتربت مني واصبحت قبالة صدري تتشممني وتتحسسني حتى شعرت بأني افقد القدرة على الحراك او اني حتي ادافع عن نفسي  وكأنها قدراتها السحرية للجن وشعرت بان القدرة والقوة تسلب مني شئ فشيء حتى اغشي عليا..

ثم أفقت بعدها على ضوء الشمس يتخلل من نافذة خشبية يداعب عيني ليوقظني فأفقت لأجد نفسي على سرير في غرفة اعتقد انها غرفة مصطفى ابن خالي ابراهيم .. وتحسست نفسي لأرى ان كان بي شئ ناقص من جراء ما حدث لي مع الجنية سوكه آكلة الدم فلم اجد شئ ناقص في جسمي الا فقط كدمات بسيطة وايضا رباط ضاغط حول العنق والكتف ورباط حول رأسي الذي كان يؤلمني جدا  وبينما انا كذلك سمعت صوت الجنية للمرة الثانية وبقوة وكان صوتها يأتي من مكان داخل المنزل يبدو انها لم تغادر المنزل  فنفضت عني الغطاء وظللت انادي  الحقوني يا مصطفى يا خالي يا مصطفى فوجدت الباب يفتح بقوة فعلمت انها الجنية السوداء فركضت لأختبئ خلف خزانة الملابس وانا مغمض العنين ولا اتنفس حتى لا تعرف مكاني …ففزعت على يد وضعت علي يدي ولكن تلك المرة كانت يد مصطفى ابن خالي ومن خلفه خالي ابراهيم الذي قال لي تعالى يابني تعالى ما تخفش…. كانت سعادتي برؤيتهم  اكبر بكثير من سعادة رجل كان في الصحراء وكاد ان يموت من  الجوع والعطش وفجأة وجد امامه واحه خضراء مليئة بالماء والطعام والامان  ..

نظرت اليهم وعيوني مليئة بالدموع وقلت بصوت يخنقه البكاء انا كنت بموت يا خالي انا كنت بموت يا مصطفي  .

قال لي خالي تعالي يا ابني تعالي يا حبيب خالك معلش الغلطة غلطتي واخذني في صدره وضمني اليه وهو يقول اهدئ يا حبيبي الحمد لله قدر الله وما شاء فعل اهدئ وبينما هو يتكلم سمعت الصوت مرة اخرى فأمسكت بثوب خالي بقوة وقلت هل سمعت ما سمعت الان اياكم ان تقولوا لم نسمع.

قالوا سمعنا.

فدهشت وقلت يعني لست انا وحدي من يسمعها

قالوا نسمع واهدئ حتى تفهم

قلت ماذا افهم ؟؟؟

قال لي خالي الغلطة غلطتي انا . انا اللي سمحت بدخولها البيت ..معلش يابني ..الغلطة غلطتي  

فقلت بدهشة وكيف ذلك ؟؟؟

قال لي وهو ينظر الى مصطفى يأنبه بنظراته ..البيه اللي قاعد جنبك بعد ما أتخرج من الجامعة و فتحتله عيادته البيطرية في آخر البلد وكان شغال فيها وزي الفل راح نقل عيادته واخد الزريبة بتاعتي او جزء منها وحولها لعياده بيطريه بيعالج فيها البهايم وفي يوم لما سمع عن سوكه وعن حالتها صمم يجيبها علشان يعالجها ولو ها يدفع فيها فلوس.. فقلت مقاطعا ..ايوه ايه بقى سوكه دي ؟؟ انت بتشتغل مع الجن ؟؟؟

قال مصطفى وهو يضحك/ لا لا عفاريت ايه بس يا سحس انا دكتور بيطري وسوكه مجرد ((معزة)) 

فقلت متعجبا  ..نعم  !!!

قال سمعت عن حالتها الغريبة عند شخص على أطراف القرية  شخص غريب الشكل والهيئة تحس انه مات قبل ذلك وعاد ثانية من الموت من شدة نحافته وجحوظ عينه  .. وبيته  الغريب الذي تحس انه كهف  ليس من المقابر ببعيد ليس تشبيها وانما هو فعلا يعيش قرب الجبانات التي تبعد عن القرية حوالي ٢كيلو متر… فصممت ان اعالجها بنفسي ولو سأدفع مالا وأحضرها لتكون محور  الدكتوراه التي اود ان احصل عليها وهي عن الأمراض الغريبة التي تصيب البهائم.

ولما عاينتها بنفسي وبعد الكشف تبين إنها مجرد ((معزة)) من النوع النادر و تعاني من داء (( السعار))

ونعم كما تخيلتم الآن تبادر الى ذهني (عم الميت)

فقلت نعم انا اعرف هذا الرجل قابلته البارحة في الميكروباص

فقالوا كيف ذلك فصاحب هذه المعزة مات منذ سنة تقريباً ….  واكيد هذا تشابه فقط

فقلت انا أكيد من هذه الاوصاف

 فقالوا الناس هنا تشبه بعضها  تقريبا  بها كثيرا من هذه الأوصاف وذلك لشدة ما نعانيه من مشقة وتعب في المعيشة…..

لم اقتنع كثيراً ولكني فضلت الا اتوقف هنا وان اعرف باقي القصة

فقلت ولكنها تأكل الدم.

فقال مصطفى نعم ولكنه ليس غذائها بالطبع فهي طبعا تأكل مثل باقي البهائم ولكن بعد ان اصيبت بهذا الداء اصبحت تأكل كل شئ كتاكيت بط صغير حشرات كلاب صغيرة و تطارد وتقتل كل ما تقع عينها عليه وفي حتى الأطفال لم يسلموا منها.. ويوم كانت تطارد ارنب فدخل تحت باب معدني فحاولت ان تدخل خلفه ففقأت عينها

وغالبا عندما ذهبت انا وابي للعزاء قامت هي بقطع الحبل المربوط على رقبتها ودخلت الى الدار وصعدت الى عشة الدجاج واكلت دجاجة ولذلك وجدت على وجهها الدم عندما رأيتها وذلك لسوء حظك

وقال خالي  / عارف يا ابني كل الناس بعدت عننا بسبب المعزة دي .ده حتى الكلاب بعدت وهربت من المنطقة خايفين منها بعد ما هجمت على ولادهم  اكتر من مرة . الناس يا ابني  خايفين مننا فاكرين ان احنا عندنا جنية في البيت  بتاكل الدم. وطلعوا عليها وعلينا  اساطير حتى جيراننا اللي شافوها  لما بيسمعوا صوتها بيقولوا انها جنيه وتحولت للشكل المرعب ده علشان تأكل من طيورهم وحيواناتهم … ده حتى موضوع النور اللي بيرعش ويقطع بدل ما يشتكوا في شركة الكهرباء بدأوا يقولوا ان هي السبب.. الله يسامحه اللي كان السبب.. بس ماتقلقش بعد اللي حصل امبارح هي ما لهاش قعاد هنا تاني ولا ايه يا دكتور ؟؟

 كفانا مصائب ..وانت يابني مش عاوزك تبقى خايف انت راجل كبير ومتعلم

فرددت  بعد ما ان علمت الحقيقة وبكل بثقة وبكل ما تبقى عندي من كبرياء وعزة نفس رفعت رأسي و دموع بكائي مازالت في عيني وقلت

..أخاف مما اخاف ..

((انا اصلا لست خائف))

 

Explore More

لقد نفذ رصيدكم

0 الحلقه الاولى “قد اوشك رصيدكم على النفاذ ” حين نعانق الراحلين في لقاء الوداع الاخير لم يبق لنا سوى دموع تبحر

“الممر”

+2 في ذلك الممر الذي لا تري فيه إلا الظلام ولا تسمع إلا صوت أنفاسك المتقطعة كان يقف “فريد” ناظرا حوله محاولا

فقط فكرة

0   لكل منا أسراره الخاصة، لايعرفها أحد سواه، قد تكون فكرة في عقله، أو كلمة داخل كتاب، الأولى فهي واضحة، أما

Add a comment