لقد كان يجلس وحيدا ينظر إلى النيل ،كأنه يعاتبه بلا حراك مستسلما لنسمات الهواء البارده، وكانت السماء ملبده بالغيوم تحتوى المطر كسجين إلى أن فر كالثائر في يوما شتويا بارد ،ولكنه لم يكن يبالى حتى ظهرت فجأه أمامه فتاه جميله تشبه الربيع بأبتسامتها السعيده المشرقه وعيونها السوداء الجذابه مقاطعه تأمله فقالت:
-ياهذا هلا رقصت معى؟
-ماذا
-لقد سمعتنى
-هل أنتى مجنونه؟
-كلا
-اذهبي بعيدا من فضلك أود البقاء بمفردي
-أنك تضيع الوقت
-أى وقت؟
-وقت الرقص تحت المطر، سوف أخبرك لقد تمنيت طوال حياتى أن ارقص تحت المطر بجانب النيل وأن يرقص معى أحدهم وينظر إلى وأنا ارقص بتأمل وحب ،واليوم أنا موجوده بالفعل بجانب النيل وبالصدفه تمطر ،لم يبقي سوا أنك تنظر إلى بتأمل ،هاك ما أريد
-أنا لا أعرفك حتى ،ولا أنتى أذهبي إلى شخصا آخر غيري
-لا أستطيع، انظر حولك لا يوجد إي شخص، الكل يهرب أمامك خوفا من المطر، إلا أنت وأنا
-يوجد عندى ما يشغلنى عن التفكير في المطر
-إذا حقق لي حلمى قبل أن ينتهى المطر
-احقا سترقصين(سلو ) مع غريب
-كلا، لقد ربيت جيدا سوف أدور فقط وأستمتع بالمطر وانت سوف تقلدنى وتنظر إلى، هذا كل شيء
-حسنا، لنرقص
رقصا معا على أنغام المطر وهدير النيل وتراقص صوت الرياح واخذت تنظر إلى السماء وقطرات المطر تتدفق على وجهها مغمضه العينين وهى تبتسم وتتمايل مع قطرات المطر في سعاده، اما هو فعلت على وجهه ابتسامه غريبة وكأنه استعرها منها ونظر إليها بإعجاب بالغ ،شاركها قطرات المطر، بل و شاركها حاله السعاده، وكأن كما يقال أن السعاده معديه ،هدأ المطر فنظرت إليه، فرأته ينظر إليها بعينين حنونتان، فأربكتها نظرته فتوقفت عن الرقص ونظرت في الأرض ثم الى عينيه كالمعتذره وتسألت:
-اتظننى مجنونه؟
-لا ابدا
-انا لست فتاه سيئه
-اعلم
-إذا أعتذر إليك، في الحقيقة ما فعلته كان حلما أردت تحقيقه
-لا داعى للأعتذار، لا عليكي
-تشرب قهوة؟ (قالتها وكأنها تذكرت شيئا )
-موافق، بشرط
-ماهو ؟
-ان ادفع أنا
-موافقه
ذهبا الى كافيتريا قريبه مطله على النيل، لم يكن بها سوا العاملين بها فالجميع فر من المطر ،وجلسا بها وصادف أن يطلبا القهوه بنفس الطريقة ،وطيله الوقت كان يحدق بها بعينين متأملتين كالضائع الذي وجد مسكنه اخيرا بعد عناءا طويل حتى قاطعته لكى تكسر الصمت فقالت:
-لم وافقت على الرقص معى ،والقهوة ؟
-لأنك مجنونه
-ماذا
-تتجوزينى
-أنك مجنون
-الجنون عدوى
-أنت لا تعرف اسمى حتى
-لا يهم، لقد رقصتى معى وانقذتى حياتى وانت لا تعرفي شيئا عنى
-انا لا أفهم شيئا ، أنقذت حياتك؟
– نعم، سأخبرك كنت أجلس أمام النيل غير مبالى بشيء ناويا الانتحار بعد أن خذلنى كل شيء في حياتى، فقدت والدى، وخسرت عملى، وقلبي كسر بواسطه المرأه التى كنت أحب، فوجدت أن الحياه ضاقت على وغير مرحب بوجودى بها ،فذهبت الى النيل احمل معى مأساتى ونويت الانتحار ودعوت الله أن يغفر لى هذا الفعل او يرسل إلى معجزة تردنى عن قراري، وبعدها بلحظات ظهرتي انتى فجأه
-هذا مؤسف حقا،اقصد ما حدث معك من حزن ، ولكنك طلبت منى الرحيل
-كنت أبله لم أدرك في اللحظة الأولى أنكى معجزتى
-أنا، انت مجنون ، لم أكن أدرك أن هناك من يتغلب على في الجنون
-ربما يكون اليوم هو يوم تحقق المعجزات
-اتسخر منى
-لا بل أقول لكى الحقيقه،اتقبلى الزواج منى ،فكري جيدا قبل الاجابه، أنا لا املك عملا وربما اطرد من شقتي، ولكنى سوف اوفر لكى الرقص تحت المطر والقهوة كما تحبين، وبعض الجنون الذي استعرته منكى والحب الخالص بلا شروط او قيد
-موافقه
-حقا،
-نعم
-اهو حلم ؟
-ربما، دعنا نعيشه للنهايه
#بقلم_هدير_طه
Add a comment